لندن (المملكة المتحدة) – لما كانت الجريمة السيبرية هي ثالث أوسع جرائم الاتجار غير المشروع نطاقا في العالم، لبى الإنتربول الدعوات التي أُطلقت في مؤتمر القمة United for Wildlife من أجل تعزيز الجهود الجماعية لمكافحة العصابات التي تقف وراء الجريمة الماسّة بالأحياء البرية وتبعاتها السلبية على المجتمعات والتنوع البيولوجي.
فالصيد والاتجار غير المشروعين يقوّضان سيادة القانون والتنمية الاقتصادية. ومجموعات الجريمة المنظمة عبر الوطنية التي تتسبب في قتل وانقراض أصناف من قبيل حيوانات وحيد القرن والفيلة والسنّوريات وتعرّض الأحياء البحرية لخطر الانقراض إنما تهدد أيضا أمن المجتمعات المحلية وسبل عيشها في العالم أجمع.
والعصابات المنظمة التي تتاجر بالعاج وسائر السلع غير المشروعة نحو آسيا والولايات المتحدة وأوروبا غالبا ما تكون ضالعة أيضا في الاتجار بالأسلحة والمخدرات، وإذكاء نار الفساد، وأعمال الترهيب وحتى القتل على طول سلسلة التوريد.
وفي هذا السياق، جمع مؤتمر القمة UfW (3 و4 تشرين الأول/أكتوبر) حوالي 300 من قادة أجهزة إنفاذ القانون ومنظمات الحفاظ على البيئة والقطاع الخاص في العالم، استعرضوا العمل الريادي المؤدّى من أجل تغيير السياسات ودعم التحقيقات الجنائية وبلورة إجراءات منسقة ومستدامة لمكافحة الجريمة الماسّة بالأحياء البرية.
وشدد أمير ويلز في كلمته أمام مؤتمر القمة على الطابع الخطير والمنظم للجريمة الماسّة بالأحياء البرية فقال: ’’إن الاتجار بالأحياء البرية جريمة تسلبنا جميعا أثمن مواردنا الطبيعية وتموّل الجريمة المنظمة وما يتصل بها من أضرار غالبا ما تعاني منها مباشرة أكثر الفئات السكانية هشاشة. وما زال هناك العديد من المجرمين الذين يعتقدون بأن في وسعهم الإفلات من العقاب في حين يتم القضاء على عدد كبير من الأحياء البرية وتقف العديد من الأصناف على حافة الانقراض بسبب هذه الجريمة النكراء‘‘.
وأضاف الأمير ويليام: ’’ولكن هناك أسبابا للتفاؤل. فهدف منظمة United for Wildlife هو السهر على أن يلقى المتورطون في الجريمة الماسّة بالأحياء البرية ردا دوليا على نفس القدر من القوة والتنسيق الذي تواجَه به سائر الجرائم الخطيرة والمنظمة. والهدف هو أيضا فضح عملياتهم الشنيعة، والحرص على تجهيز المجتمعات بما يلزم وتمكينها ودعمها لحماية نفسها وبيئتها الطبيعية‘‘.
وغالبا ما يُعتبر الاتجار بالأحياء البرية نشاطا ضئيل المخاطر عالي الفائدة بالنسبة للجناة الذين يواجهون عقوبات محدودة. وفي هذا الصدد، أكد الإنتربول في مؤتمر القمة على دور الشراكات العالمية بين القطاعات لمواجهة الاتجار غير المشروع بالأحياء البرية الذي يدرّ وحده حوالي 20 مليار دولار أمريكي سنويا.
وقال المدير التنفيذي للخدمات الشرطية ستيفن كافانا: ’’إن الجريمة الماسّة بالأحياء البرية، التي غالبا ما يُتغاضى عنها ولا يُلاحق مرتكبوها، جريمةٌ خطيرة ومعقدة ذات تبعات مدمرة وبعيدة المدى لا على الأحياء البرية فحسب، بل على المجتمعات وعلى حسن حال كوكبنا هذا أيضا‘‘.
وأضاف السيد كافانا: ’’يقرّ الإنتربول بأن مكافحة الجريمة الماسّة بالأحياء البرية هي أولوية أمنية على المستوى الدولي، ونحن ملتزمون بالعمل مع القطاعات كافة لملاحقة المجرمين وتعطيل أنشطتهم والحدّ من الأضرار التي يلحقونها بالحياة وبالتنوع البيولوجي العالمي‘‘.
وتحدث السيد كافانا عن تلاقي الاتجار غير المشروع بالأحياء البرية وسائر الجرائم الخطيرة والإرهاب وشدد أيضا على الأرباح التي تدرّها هذه الجريمة على المجموعات المسلحة من غير الدول وعلى منظمات إرهابية في وسط أفريقيا وشرقها مشيرا بالدليل إلى تورط حركة الشباب في الاتجار غير المشروع بالعاج.
والجريمة البيئية، بحكم صلتها بالجريمة العنيفة والفساد وسائر أشكال الاتجار غير المشروع، هي قوة إجرامية عبر وطنية تدرّ أكثر من 280 مليار دولار أمريكي سنويا، وتشكل بذلك ثالث أكثر الجرائم تحقيقا للأرباح بعد الاتجار بالمخدرات والتقليد.
وفي إطار برنامجه المخصص للأمن البيئي ومركزه لمكافحة الجريمة المالية والفساد، يتعاون الإنتربول مع شركاء في العالم لمصادرة الأرباح الطائلة الناجمة عن أشكال الجريمة هذه والمساعدة في تفكيك شبكات المجرمين التي تقف وراءها