تقييم الإنتربول للاحتيال المالي: تهديد عالمي تغذيه التكنولوجيا

١١ مارس، ٢٠٢٤
مجموعات إجرامية منظمة تستغل ضحايا الاتجار بالبشر لارتكاب عمليات احتيال من نوع ’pig-butchering‘

لندن (المملكة المتحدة) - يُظهر تقييم جديد أجراه الإنتربول للاحتيال المالي على الصعيد العالمي كيفية استفادة المجموعات الإجرامية المنظمة من استخدام التكنولوجيا المتزايد من أجل استهداف الضحايا في العالم أجمع بمزيد من الدقة.

والذكاء الاصطناعي ونماذج اللغات الكبيرة والعملات المشفّرة، وما يرتبط بها من نماذج اقتصادية مثل التصيد الاحتيالي وبرمجيات انتزاع الفدية كخدمة، قد أفضت إلى حملات احتيال معقدة واحترافية ضئيلة الكلفة ولا تستدعي كفاءات تقنية متقدمة.

وتقييم الإنتربول للاحتيال المالي على الصعيد العالمي يلقي الضوء أيضا على اتساع نطاق الاتجار بالبشر في العالم لأغراض العمل القسري في مراكز الاتصالات، وبخاصة لارتكاب عمليات الاحتيال المسماة ’pig-butchering‘ - وهي عمليات مختلطة تجمع بين الاحتيال الرومانسي والاحتيال في مجال الاستثمار باستخدام العملات المشفّرة.

وقال الأمين العام للإنتربول يورغن شتوك:

’’يشهد الاحتيال المالي تفاقما هائلا في عمليات واسعة النطاق تطال الأفراد والشركات على حد سواء.

’’وقد أدى التقدم التكنولوجي وتنامي الجريمة المنظمة السريع إلى استحداث الكثير جدا من السبل الجديدة للاحتيال على الأبرياء والشركات وحتى الحكومات. ومع تطور الذكاء الاصطناعي والعملات المشفّرة، وإذا لم تُتخذ تدابير عاجلة، سيزداد الوضع تردّيا.

’’ومن المهم ألا تُترَك لمرتكبي عمليات الاحتيال المالي أيّ ملاذات آمنة ينشطون انطلاقا منها. ويجب أن نسد الثغرات القائمة وأن نتأكد من أن تبادل المعلومات بين القطاعات وعلى الصعيد الدولي هو القاعدة لا الاستثناء.

’’ونحتاج أيضا إلى مزيد من التقارير عن الجريمة المالية ويتعين علينا الاستثمار في تعزيز القدرات والتدريب الموجهين لأجهزة إنفاذ القانون للتحرك بمزيد من الفعالية على الصعيد العالمي‘‘.

ويقدم الأمين العام التقرير في مؤتمر القمة المتعلق بالاحتيال المالي الذي تنظمه حكومة المملكة المتحدة في لندن.

أبرز الاستنتاجات

فيما يلي بعض أبرز استنتاجات التقرير الموجهة حصرا لاستخدام أجهزة إنفاذ القانون:

  • اتجاهات الاحتيال العالمية الأوسع انتشارا هي الاحتيال في مجالي الاستثمار والدفع المسبق، والاحتيال الرومانسي، والاحتيال بإصدار أوامر زائفة لتحويل الأموال؛
  • ترتكب عمليات الاحتيال المالي في أغلب الأحيان شبكات من الجناة بعضها محكم التنظيم وبعضها غير منظم؛
  • الحاجة الماسّة إلى تعزيز جمع البيانات وتحليلها من أجل إعداد استراتيجيات مكافحة من موقع المطّلع تتسم بقدر أكبر من الفعالية.

وللتصدي بفعالية لهذه الجريمة التي تتزايد انتشارا على الصعيد العالمي وسد الثغرات في مجال تبادل المعلومات، يوصي التقرير في جملة أمور بضرورة إقامة شراكات متعددة الأطراف وبين القطاعين العام والخاص من أجل تعقّب الأموال المفقودة بسبب الاحتيال المالي واستردادها.

ومنذ إطلاق آلية الإنتربول العالمية لوقف المدفوعات بسرعة (I-GRIP) في عام 2022، ساعدت المنظمة البلدان الأعضاء على اعتراض أكثر من 500 مليون دولار أمريكي من عائدات الجريمة المتأتية إلى حد بعيد من عمليات احتيال مرتكبة عن طريق الإنترنت.

اتجاهات الاحتيال المالي الإقليمية

أفريقيا

يظل الاحتيال بإصدار أوامر زائفة لتحويل الأموال أحد اتجاهات الاحتيال الأكثر انتشارا في أفريقيا، على الرغم من اتساع نطاق عمليات الاحتيال المسماة ’pig-butchering‘. فقد أُشير إلى ارتكاب عمليات من هذا النوع في غرب أفريقيا والجنوب الأفريقي، استهدفت ضحايا في بلدان خارج القارة الأفريقية.

ولا تزال بعض المجموعات الإجرامية في غرب أفريقيا، مثل Black Axe وAirlords وSupreme Eiye، تتنامى على الصعيد عبر الوطني. ويُعرف عنها كفاءاتها الملحوظة في مجال الاحتيال المالي عبر الإنترنت، ولا سيما الاحتيال الرومانسي والاحتيال في مجالات الاستثمار والدفع المسبق والعملات المشفّرة.

الأمريكتان

أكثر أنواع الاحتيال شيوعا في الأمريكتين هي انتحال الهوية، والاحتيال الرومانسي، والاحتيال في مجالات الدعم التقني والدفع المسبق والاتصالات.

ولا يزال الاحتيال بدافع الاتجار بالبشر يشكل ظاهرة إجرامية متنامية. وكشفت عملية Turquesa V التي نسّقها الإنتربول أن مئات الضحايا تم الاتجار بهم خارج المنطقة بعد استدراجهم عبر تطبيقات المراسلة ومنصات التواصل الاجتماعي وأُجبروا على ارتكاب عمليات احتيال ولا سيما في مجال الاستثمارات والعمليات المسماة ’pig-butchering‘.

وكذلك تتزايد الأدلة على أن المجموعات الإجرامية في أمريكا اللاتينية مثل Commando Vermelho وPrimeiro Comando da Capital (PCC) وCartel Jalisco New Generation (CJNG) متورطة أيضا في ارتكاب عمليات احتيال مالي.

آسيا

بدأت عمليات الاحتيال المسماة ’pig-butchering‘ تُرتكب في آسيا في عام 2019 واتسع نطاقها خلال جائحة كوفيد-19. وأصبحت آسيا بعد ذلك مركز ارتباط تُنشئ المنظمات الإجرامية انطلاقا منه هياكل شبه تجارية في بلدان المنطقة الأشد فقرا.

وانتشر أيضا في آسيا في السنوات الأخيرة شكل آخر من أشكال الاحتيال هو الاحتيال في مجال الاتصالات. في هذه الحالات، ينتحل الجناة هوية عناصر من أجهزة إنفاذ القانون أو موظفين في مصارف لاستدراج الضحايا نحو كشف بيانات بطاقات الائتمان العائدة لهم وحساباتهم المصرفية أو تحويل مبالغ مالية كبرى.

أوروبا

تفاقم الاحتيال في مجال الاستثمار والتصيد الاحتيالي وسائر أشكال الاحتيال المالي عبر الإنترنت عن طريق استهداف ضحايا مختارين بعناية بقصد الاستفادة منهم إلى أقصى حد. ويستهدف مرتكبو الجرائم السيبرية تطبيقات الهاتف المحمول أيضا.

والشبكات الإجرامية الضالعة في عمليات الاحتيال هذه عبر الإنترنت غالبا ما تستخدم أساليب عمل متشعبة ومعقدة تجمع بشكل عام بين أشكال مختلفة من الاحتيال.

وعمليات الاحتيال المسماة ’pig-butchering‘ التي تُرتكب في الغالب انطلاقا من مراكز الاتصالات في جنوب شرق آسيا تتنامى أيضا في أوروبا.