التعاون على الصعيد العالمي أمر حاسم لضمان حماية حقوق الملكية الفكرية على نحو أفضل

٢٦ أبريل، ٢٠٢٢
اليوم العالمي للملكية الفكرية - حماية الابتكار والقدرة التنافسية

ليون (فرنسا) - تؤدي حقوق الملكية الفكرية دورا حاسما في حماية الابتكار ودعم القدرة التنافسية. فمن خلال توفير الحماية والدعم المناسبين للملكية الفكرية، يستطيع المبتكرون الشباب إحداث تغيير والمساعدة على تعزيز التطورات في مجالي الأعمال والعلوم من أجل تحسين النتائج على الصعيد الصحي. وموضوع اليوم العالمي للملكية الفكرية لهذا العام، في هذا السياق، هو ’الملكية الفكرية والشباب: الابتكار من أجل مستقبل أفضل‘.

وبالمقابل، يخلّف انتهاك حقوق الملكية الفكرية عواقب اقتصادية واجتماعية وخيمة. وهذا الشكل من الجريمة، الذي يُعتبر في غالب الأحيان قليل المخاطر ووافر المكاسب، يعرّض ملايين الوظائف إلى الخطر ويؤدي إلى خسارة في الإيرادات تبلغ المليارات من الدولارات.

وتقدر غرفة التجارة في الولايات المتحدة أن القرصنة الرقمية يترتب عليها سنويا خسائر تبلغ 29 مليار دولار أمريكي. وتهدد القرصنة الأسواق المشروعة في مجالات مثل الموسيقى (قطاع بقيمة 82 مليار دولار أمريكي يوظف مليوني شخص في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة)، والسينما (قطاع بقيمة 81 مليار دولار أمريكي)، والتلفزيون (قطاع بقيمة 243 مليار دولار أمريكي في العالم أجمع)، والكتب (قطاع بقيمة 93 مليار دولار أمريكي).

الأسواق غير المشروعة تطرح تهديدات خطيرة على الصحة

من بين سائر الأسواق غير المشروعة، تطرح الأغذية المقلدة والأدوية المزورة تهديدات خطيرة على الصحة. وفي بعض الحالات، يتعمّد المجرمون وضع علامات مضللة على المنتجات، وتغيير أطعمة أو مكونات بكاملها ببدائل أبخس ثمنا. ويمكن أن تكون الأدوية غير فعالة وخطيرة إذا أصيبت بتلوث أو أسيء تخزينها. وتشكل التجارة غير المشروعة تهديدا عالميا نظرا لارتباطها بأشكال إجرامية أخرى، مثل الاتجار بالبشر والاتجار بالمخدرات والفساد والرشو وغسل الأموال، ولتمويلها هذه الجرائم أحيانا.

وينسق الإنتربول العمليات التي تنفَّذ على الصعيدين العالمي والإقليمي للمساعدة على مكافحة هذه الجريمة. ومن بين المبادرات الرئيسية، تهدف عملية Pangea إلى توعية عامة الناس بمخاطر شراء أدوية من مواقع إلكترونية غير خاضعة للتنظيم. وفي إطار عملية Opson، تقود الأجهزة المشاركة من إنفاذ القانون والجمارك والهيئات الوطنية الناظمة للأغذية حملات تفتيش في المحلات التجارية والأسواق والمطارات والموانئ لكشف المنتجات الغذائية المقلدة أو المتدنية الجودة ومصادرتها.

التهديد عبر الوطني الذي تطرحه القرصنة الرقمية

في ضوء التطور السريع الذي تشهده التكنولوجيا الرقمية، أصبح الإنترنت الفضاء المفضل للمجرمين لعرض محتويات مقرصنة، حيث يمنحهم الوصول إلى قاعدة عالمية من ’المستهلكين‘. لكن الأشخاص الذين يقومون ببث مثل هذه المواد على الشبكة أو تنزيلها قد يتعرضون لمخاطر انتحال الهوية والفيروسات الحاسوبية والبرمجيات الخبيثة وبرمجيات انتزاع الفدية.

والجانب عبر الوطني لهذه الجريمة يجعل من الصعب على البلدان حماية حقوق الملكية الفكرية الخاصة بها وملاحقة المجرمين المتورطين فيها لأن الخوادم تُشغَّل والمجرمين يضطلعون بأنشطتهم في معظم الأحيان من خارج حدودها. ولم تؤدِّ جائحة كوفيد-19 إلا إلى تزايد القرصنة الإلكترونية وتفاقم تبعاتها.

وفي ضوء التهديد الذي تطرحه القرصنة الإلكترونية وما يرتبط بها من مخاطر، يُطرح السؤال التالي: كيف يمكن للمجتمع العالمي إنفاذ القانون في مجال الملكية الفكرية وحمايتها في هذا العصر الرقمي؟ إن التعاون على الصعيد العالمي بين الجهات المعنية من القطاعين العام والخاص أمر أساسي لتسهيل ملاحقة المجرمين قضائيا وضمان حماية أفضل لحقوق الملكية الفكرية.

مشروع I-SOP: دعم التعاون في مجال مكافحة القرصنة

في هذا السياق، يسعى مشروع الإنتربول لوقف القرصنة عبر الإنترنت (I-SOP) إلى زيادة الموارد والمعارف إلى أقصى حد من خلال التعاون وإقامة الشراكات الاستراتيجية مع الجهات المعنية من القطاعين العام والخاص، وتحديدا عن طريق فريقه الاستشاري المعني بمكافحة الجريمة الماسّة بالملكية الفكرية والقرصنة الرقمية.

وبالتعاون مع البلدان الأعضاء وهيئات القطاع الخاص والعام، يهدف مشروع I-SOP إلى التصدي للقرصنة الإلكترونية والجرائم التي تنطوي على انتهاك لحقوق الملكية الفكرية. وفي إطار هذا التعاون، يُشرك الإنتربول أجهزة إنفاذ القانون لتفكيك الأسواق الإلكترونية غير المشروعة واستهداف الشبكات الإجرامية ومصادرة أصولها.

ويُنفَّذ مشروع I-SOP بالشراكة مع الكلية الدولية للمحققين في الجرائم الماسّة بالملكية الفكرية. وهذه الكلية الموجهة لأفراد الشرطة، جددا ومتمرسين على حد سواء، توفر دورات تدريب على مكافحة الجريمة الماسّة بالملكية الفكرية، بما في ذلك مجموعة دروس عن القرصنة الرقمية. وتكفل هذه الدورات اكتساب بلدان الإنتربول الأعضاء الكفاءات اللازمة لكشف هذه الجريمة والتحقيق فيها.

وسيُعقد المؤتمر الدولي الـ 15 لإنفاذ القانون في مجال مكافحة الجرائم الماسّة بالملكية الفكرية في سيئول (جمهورية كوريا) في أيلول/سبتمبر 2022. وستُنظَّم في إطاره حلقة عمل تدريبية تركز بشكل خاص على القرصنة الإلكترونية، ما يؤكد ضرورة إقامة شراكات وثيقة لمكافحة هذه الجريمة.